التنبؤ بفترة الحياة
إن المهارة في التفسير مُهمة أكثر صعوبة؛ لأن الكثير من المشاكل تنبع من النظام. وأحيانًا، وعندما تَحسُبون فترة حياة شخصٍ ما تكتشفون أن هذا الشخص – حَسَب المعادلات الرياضية – كان يجب أن يموت منذ سنوات. في حين يكشف حساب آخر أنه إذا فعل أحدهم كثيرًا من الأفعال الإيجابية يمكنها حينئذٍ أن يُمدِّدَ فترة حياته بنسبة معينة. حتى إن الكثير من الأشخاص كان يجب أن يكونوا مَيِّتين أساسًا.
بالإضافة إلى ذلك، فكم شيئًا إيجابيًّا يجب على المرء أن يفعله لِيُمدِّد فترة حياته؟ وهل هناك إمكانيتان فقط: فترات الحياة العادية والمُمدَّدة، أم إذا فعل المرء نسبة بسيطة من الأفعال الإيجابية أو إذا كانت دوافعه غير طاهرة، هل يمكنه تمديد فترة حياته بعض الشيء فقط؟
حتى إن الحالة تُصبح أكثر تعقيدًا عندما تنظرون إلى نصوص مختلف مُعلِّمي التنجيم التبتيين والمنغوليين في أوقات مختلفة من تاريخ تطوُّره؛ إذ يختلف المعلِّمون حول حسابات فترة حياة شخصٍ ما؛ حيث يأخذ بعضهم فترة الحياة الأطول والمثالية ويجعلها ١٢٠ سنة، في حين يجعلها بعضهم ١٠٠ سنة، والبعض الآخر يجعلها ٨٠ سنة. ويعتمد ذلك على المعلِّم الذي تختارونه. فإن الحسابات المتعلقة بمدى طول الفترة التي سيعيشها الشخص وما سيحدث له خلال حياته تختلف. ولا ندري أيُّها صحيح؟ هل من الأفضل اتِّباع مثال عِلم التنجيم الهندوسي الهندي، وعدم حساب فترة الحياة أبدًا؟ حتى لو فعلنا ذلك فهناك العديد من التقاليد التنجيمية التبتية-المنغولية؛ فالتقويمات التي سحبها كل تقليد تختلف بشكلٍ بسيط. وهكذا تكون هناك تشكيلة أوسع من التنبُّؤات الموجودة التي تتعلَّق بمَجْرى حياة الشخص.
استيعاب الحقيقة
ليس عِلم التنجيم التبتي-المنغولي فريدًا من حيث اختلاف عدة تقاليد بشأنه، كل تقليدٍ يُنتِج خرائط تنبُّئية تختلف عن بعضها بشكلٍ خفيف. وتشترك الأنظمة الغربية والهندوسية الهندية والصينية في هذه الخاصية. وعندما يُدرك الناس هذا الوضع لا يشعرون بالارتياح في أغلب الأحيان. وكونهم لا يشعرون بالأمن فإنهم يُصوِّرون لأنفسهم أنهم يعيشون أفرادًا ثابتين، ويمكن العثور عليهم وراثيًّا، وما سيحدث في حياتهم يُصوِّرونه على أنه موجودٌ وراثيًّا، وأن الأحداث التي سيواجهونها ثابتة. واعتمادًا على هذه البلبلة يرغبون يائسين أن يسيطروا – من خلال فَرْدَانيتهم الموجودة بشكلٍ مُستقلٍّ – على ما سيحدث، أو على الأقل أن يعرفوا ما سيحدث؛ كي يكونوا قادرين على الاستعداد. وعند مواجهة الاحتمالات العديدة لما قد يحدث يشعرون أن حياتهم الفردية الموجودة بشكل ثابت خارج سيطرتهم.
إن الإحباط الذي يعانون منه يشبه تجاوبهم عندما يُعلِّم أحد المعلِّمين التبتيين أو المنغوليين الكلاسيكيات البوذية، ويشرح ذلك أنه من وجهة نظر نظام هذه العقيدة في هذه الكُتَيِّبَات الرهبانية، فهذا يعني أمرًا. ولكن، حسَب كلٍّ من الكُتَيِّبَات الأخرى فهو يعني أمرًا آخر؛ ومن وجهات نظر الأنظمة العقائدية الأخرى يحتمل كلُّ كتيِّبٍ تفسيرًا آخر، وكل تقليد من التقاليد البوذية التبتية-المنغولية الأخرى يَشْرَحه بشكلٍ مختلِف. وبمواجهة هذا العدد الكبير من البدائل يجيب بعض الغربيين: “ولكن، ما الذي يعنيه الأمر حقًّا؟”. ولعل الفِكر التَّوْراتي قد أثَّر بصورةٍ غير مباشرة عليهم – إله واحد وحقيقة واحدة – حتى إنهم يُصوِّرون لأنفسهم وجود حقيقة فردية وراثية لما يعنيه التعليم بالضبط، وهم يتناولون معلومات عِلم التنجيم بالطريقة نفسها التي ينظرون بها إلى الإجابات القطعية عمَّا سيحدث.
إذا تصورنا أن الواقع موجود بهذا النمط المستحيل فسيصيبنا شعورٌ بخيبة الأمل والإحباط تجاه المعلومات التي نكتسبها من عِلم التنجيم التبتي-المنغولي. ولاكتساب أي شيءٍ منه علينا النظر إلى المعلومات من وجهة نظر مختلفة تمامًا، أي من وجهة نظر التعاليم البوذية حول الكارما والبُطلان. وتُعرِّف المعلومات التنجيمية السمسرا أنها الولادة الجديدة ومَجْرَى كل حياة، وتحدث خارج إطار السيطرة في ظِلِّ تأثير الكارما. ولتحرير أنفسنا من هذه الحلقة المُفرَغة علينا أن نفهم البُطلان، أي: حقيقة أن كُل شيء، بما في ذلك شخصياتنا والأحداث التي تجري في حياتنا، تخلو من الطُّرُق المستحيلة للوجود. لذلك علينا أن نفهم الكارما والبُطلان.
إمكانات الكارما مقابل الجبرية
فَسَّرَ كايدروبجي الأمرَ، وهو مُعلِّمٍ تبتي كبير، بشكلٍ جميل؛ إذ كتبَ في تفسيره للكلاتشاكرا تانترا أنه إذا كشف عِلم التنجيم كل المعلومات المتعلقة بشخصٍ ما لَكان الإنسانُ والكلب اللذانِ وُلدا في المكان نفسه وفي الوقت نفسه يتمتَّعان بالشخصية نفسها، وفترة الحياة نفسها، والأمور نفسها التي تحدث لهما خلال حياتهما. ومن الواضح أن تلك ليست هي القضية. فالسبب هو عدم تقديم عِلم التنجيم كلَّ المعلومات حول الشخص. ويؤثِّر الكثير من العوامل الأخرى على مَجرى حياة الفرد، وتنبع التأثيرات من شبكات الأسباب والنتائج الضخمة، فتُسبِّب الكارما وقوانين السبب والنتيجة السلوكية خِبراتٍ في كلِّ مرةٍ نُولَدُ فيها. وتعطي خريطة تنجيمية، دون التَّطرُّق إلى مدى دقتها أو ثقافتها، فهي مجرد صورة صغيرة لجانبٍ واحد من نمطٍ واحد للكارما التي لدينا. وقد تكون هناك ترجيح كبير أن بعض الأحداث ستجري وفقًا لتلك الخريطة، لكنكم لا تستطيعون تجاهل أقل الترجيحات احتمالاً؛ بأن أمورًا أخرى قد تحدث، بالإضافة للأحداث الأولى أو بدلاً منها. ومن خلال نَسْفِ الطريقة المستحيلة للوجود نتغلَّب على عاداتنا المحفورة في أعماقنا التي تجعلنا نتصوَّر وجودنا الفردي ثابتًا، ونعرف ما سيحدث حَقًّا، وبذلك يكون تحت السيطرة دائمًا.
فَكِّروا بالمعلومات التي نستخلصها من التقاليد الطبية المختلفة. ويصف الطِّبُّ الغربي الجسمَ بأنه شبكة مُعقَّدة من أنظمة مختلفة: الدورة الدموية والأعصاب والجهاز الهضمي، وما إلى ذلك. في حين يصف الطب التبتي-المنغولي أنظمة من التشاكرات ومحطات الطاقة. أمَّا الطب الصيني فيُحدِّد خطوط الطول ونقاط الوخز بالإبر. وإذا اعترضتم وسألتم: “ولكن، أيُّهما صحيح؟ أيُّ نظام يصف ما يحدث فعلاً في الجسم؟” فسيكون علينا أن نجيب: كُلُّها صحيحة. ويقدم كلُّ نظام معلومة صحيحة حول الجسم تتيح علاجًا طبيًّا ناجحًا.
والأمر نفسه صحيح بالنسبة لعِلم التنجيم، فتُنتج الأنظمة الغربية التي تعتمد الخريطة الفلكية المدارية مجموعة واحدة من المعلومات، في حين يُعطي النظامان: الهندوسي الهندي والتبتي-المنغولي، اللذان يعتمدان الخريطة الفلكية للنجوم الثابتة، نتائج مختلفة. ويعطي عِلم التنجيم الصيني التقليدي معلومات إضافية، في حين تُقدِّم الحسابات السوداء ذات المنشأ الصيني، التي يستخدمها التبتيون والمنغوليون مسائل مختلفة. وفي إطار التقاليد التنجيمية التبتية-المنغولية إذا استخدمتم أنظمة تحسُب فترات حياة قصوى من ١٢٠ أو ١٠٠ أو ٨٠ سنة، فستحصلون على ثلاث صور مختلفة لما قد يحدث خلال مجرى الحياة. وطريقة التعامل مع كل هذه المعلومات التي تبدو متضاربة هي إدراك أن كل نظامٍ يصف تكوينًا كارميًّا محتمَلاً واحدًا، مع احتمال معين بأنه قد يحدُث حَقًّا.
ولكلٍّ منا إمكانات لعددٍ ضخمٍ من التكوينات الكامرية، وبالتالي عدد ضخم من الحيوات المُمكنة التي يمكن أن نعيشها. وليس التوجُّه من حيث محاولة معرفة ما سيحدث قطعًا في الغد، كما نقول مثلاً: هل أشتري المزيد من الأسهم في البورصة غدًا؟ هل سيكون يوم حظي؟ إن التوجُّه المناسب يكون من حيث عمليات توظيف احتماليَّة الحدوث. فإذا كشفت خريطتنا أنَّنا قد مُتْنَا – افتراضًا – من عشر سنوات فإنَّ ذلك يمنحنا فكرةً ما بأننا جمعنا الكارما الخاصة بنا لنحيا حياةً قصيرة، وذلك احتمال واحد لموروثنا الكارمي. لكن ما ينضج في فترة حياةٍ معينة يعتمد على الظروف والحالات. فَكِّروا بالعدد الضخم من الناس الذين يموتون في كارثة طبيعية مثل هِزَّة أرضية، أو قنبلة نووية. فبالطبع لا يُشير بُرج كل شخص إلى أنه سيموت في ذلك اليوم. والظروف والحالات الخارجية غير المُشار إليها في الخرائط تُؤثِّر على ما يحدث.
لذلك تُشبه الخريطة التنجيمية تقرير حالة الطقس؛ فهي تُعطِي صورةً عما سيحدُث في الغالب، ولكنها صورة قد لا تتحقَّق في الواقع. ومن المُحتمل أنها ستمطر اليوم، لذا نحمل مِظلَّةً احتياطًا. وإذا تبين أنها لن تمطر فلن يكون هناك أي ضرر. وعلى نحوٍ شبيه، إذا أشارت أبراجنا إلى أننا سنلتقي بحُبِّنا الحقيقي هذا اليوم فسننجح في العمل، أو ما شابه ذلك، وإذا كُنَّا مُدركين لهذا الأمر بأنه احتمالٌ قوي فسنبقى جاهزين لتلقِّي الفُرَص التي قد تظهر هذا اليوم، وإذا لم يحدث شيء نُذكِّر أنفسنا بأنه لا يوجد شيء حَتميٌّ أبدًا في الأبراج.
تنقية الكارما
إذا رغبنا في تنقية أنفسنا من كل الخرائط التنجيمية المُحتمَلة، التي هي في النهاية هدفُ الدراسة البوذية لعِلم التنجيم، فإن علينا أن نحاول تعلُّمَ دروس الدارما من خرائطنا؛ فقد نتعلَّم مثلاً أنَّ علينا في كل الحالات أن نكون مُنفتحين ومُتقبِّلين للفُرَص الجيدة، وأن نكون حذِرين في وجه المخاطر والنَّكَسَات، وإذا كانت خرائطنا تشير إلى أننا يجبُ أن نموت عندما كُنَّا في سن العاشرة، ولكننا – كما هو واضح – لم نمت حينها، فمن شأن ذلك أن يجعلنا نُفكِّر في الأسباب الكارمية للحياة القصيرة. فالموت في سِنٍّ صغيرة ينتج من قتل الآخرين أو إلحاق الضرر بهم. حتى لو لم تنضج هذه النتائج الكارمية في فترة حياةٍ واحدة فنَتذكَّر أننا قد جمعنا مثل هذه الكارما، وأننا على الأرجح لدينا الميول لتجميع المزيد. فعلى سبيل المثال، قد نضرب الذُّبَاب بغفلة، معتقدين أن التفكير بذلك لا يهم. إن فترة الحياة القصيرة الواردة في خرائطنا يمكن أن تُوحي لنا بالعمل على تنقية أنفسنا من هذه الميول.
إحدى النقاط المهمَّة التي نتعلَّمها من الأبراج التبتية-المنغولية إذًا هي التعامل مع الأسباب الكارمية العينية داخل أنفسنا، وليس التأكيد هنا على محاولة معرفة ما سيحدث قطعًا في تاريخ كذا وكذا في حياتنا. وتجعلنا الدراسة نتحمَّل مسئولية أكبر، عِوضًا عن تحمُّل مسئولية أقل. وإذا كان كل ما يحدث مُقدَّرًا فما نفعله الآن لن يحمل أي تأثير، ولا يمكننا أن نُؤثِّر على أي شيءٍ يحدث لنا. ومن ناحيةٍ أخرى، فعندما نرى أن احتمالات معينة بخصوص ما قد يحدث، وليس بالضرورة أنه سيحدث، فإننا نُحاسَب على الخيارات التي نُقرِّرها. فبدلاً من تضييق معرفة المعلومات التنجيمية لأفقنا؛ بحيث تبدو شخصياتنا ومجريات حياتنا وتفاعل الآخرين معنا ثابتة ولا تتغير، يقودنا فَهمنا إلى الاستنتاجات العكسية. ونحن نرى أن كل ما يحدث يَنتُجُ بشكلٍ مُستقلٍّ من الأسباب والظروف التي لا حصر لها، وأنَّ ما نفعله يُساهم في مجريات حياتنا.
قد يبدو النظام التنجيمي التبتي-المنغولي مُعقَّدًا، لكنَّ الحياة أعقد منه بصورةٍ غير محدودة، وتُؤثِّر الكثير من المتغيرات على ما يحدث أكثر ممَّا يمكن أن تمثله بضعة أجرام سماوية وعلامات ومنازل وعناصر وتريقرامات وأعداد المربع السحري. مع يقظة المتغيرات التي لا حصر لها، التي تؤثِّر على ما يحدث لنا في الحياة، تبدأ آراؤنا الثابتة المرتبِكة في العالم والحياة وفي أنفسنا وفي الآخرين في التراخي، وهذا التراخي يفتح الطريق لنكون قادرين على رؤية البطلان من حيث النشوءُ المستقلُّ. ومجريات حياتنا تخلو من الوجود بصفتها أشياءَ تنشأ مُستقلَّةً ثابتة لا تتغير، بل إنها تحدث بشكلٍ مستقلٍّ على ملايين العوامل، وتعكس المعلومات التنجيمية ومعلومات الأبراج فقط جزءًا يسيرًا من المتغيِّرات ذات التأثير. ورغم ذلك، ومن خلال كشف بعض الأحداث المُحتمَلة ذات الترجيح العالي للحدوث، فقد تُساعدنا على البقاء مُتنبِّهين للكارما والبُطلان والنشوء المستقلِّ. وعلى ضوء ذلك فإن كون المعلومات التي نحصل عليها من عِلم التنجيم التبتي-المنغولي حقيقةً كثيرًا ما تكون غير دقيقة، هو أمرٌ مُساعدٌ في الحقيقة؛ إذ إنه يُبيِّن لنا أنَّ الحياة ليست ثابتة أو غير متغيِّرة، والعديد من نضوجات الكارما مُمكنة.
أسئلة وأجوبة
سؤال: تُحسَب السنة التبتية-المنغولية اعتمادًا على القمر، والسنة الغربية اعتمادًا على الشمس. فما الفَرْقُ؟
جواب: يَدمِج التقويمان التبتي والمنغولي الخصائص القمرية والشمسية، وحَسَب التعريف البوذي فالوقتُ مقياس التغير. ويمكنكم تسمية السنة والشهر واليوم اعتمادًا على قياسات مختلف حلقات التغير. ويقيس التقويمان التبتي والمنغولي الشهر بدايةً من الهلال. وهناك اثنتي عشرة حلقة من الأقمار المكتملة، وبكلمات أخرى: أشهر قمرية، ومجموعها يقل عن السنة الشمسية، وهي قياس الفترة التي تستغرقها الشمس لإكمال حلقتها، والعودة إلى النقطة نفسها على الخريطة الفلكية. وبما أن للتقويميْنِ التبتي والمنغولي أشهرًا قمرية وسنوات شمسية، فإنهما يحتاجان إلى توفيقٍ ما ليتناسبَا.
وكما أنَّ للتقويم الغربي سنةً كبيسة، وهي التي تزيد يومًا كلَّ أربع سنوات للتعويض من أجل سنة قمرية لا تتألَّف من عددٍ صحيح من الأيام القمرية؛ فكذلك يحتوي التقويمان التبتي والمنغولي على خصائص “كبيسة” لملاءمة الأشهر القمرية مع السنوات الشمسية. وأحيانًا يزيدان شهرًا كبيسًا إضافيًّا، وفي أحيان أخرى يضاعفان أو يزيلان تواريخ محددة؛ وذلك لجعل الهلال والقمر المكتمل يقعان في تاريخٍ مُحدَّد من الشهر القمري. المعادلات والقوانين الرياضية مُعقَّدة جِدًّا.
سؤال: ما منشأ خريطتَيِ الفلك: خريطة العلامات الاثنتي عشرة والعلامات السبع والعشرين؟
جواب: نشأت خريطة الفلك ذات العلامات الاثنتي عشرة من أبرز مجموعات النجوم في الأفق الشرقي عند ارتفاع الشمس في وقت ظهور الأَهِلَّة في السنة. أمَّا خريطة الأبراج ذات العلامات السبع والعشرين – وفي بعض الحسابات عددها هو ثمانٍ وعشرون- فقد نشأت من أبرز مجموعات النجوم في الأفق الشرقي عند ارتفاع القمر كلَّ ليلةٍ من الليالي السبع والعشرين أو الثماني والعشرين من هلالٍ واحدٍ إلى آخر.
سؤال: هل يُفرِّق عِلم التنجيم التبتي-المنغولي بين الولادة في نصف الكرة الشمالي وبينها في نصف الكرة الجنوبي؟
جواب: لا، لا يُفرِّق بينهما. إن عِلم التنجيم التبتي-المنغولي لا يفتقر إلى خاصية التعويض عن الولادة في نصف الكرة الشمالي أو الجنوبي فحَسْبُ؛ بل إنه لا يأخذ بعين الاعتبار الأماكن المختلفة للولادة، أو المناطق الزمنية المختلفة داخل نصف الكرة الشمالي. ومرة أخرى يطرح ذلك السؤال التالي: هل في الإمكان تعديل النظام وإضافة هذه الخصائص، كما فعل النظام الهندوسي الهندي التقليدي؟ أم أنَّ الأمر لا يهم في الحقيقة؟
رأيتُ أن هذا الموضوع يحتاج إلى بحثٍ موسع. وبرنامج الحاسوب، الذي طَوَّرتُه مع زميلٍ لي لحساب بعض الخصائص البيضاء لأوسع التقويمات السنوية والفلكية التبتية استخدامًا، يُوجِدُ الوسائل الأساسية لمباشرة المشروع. والخطوة التالية هي إضافة موادِّ حسابات سوداء، وبرمجتها داخل الحسابات بالنسبة للأنظمة التبتية-المنغولية المختلفة، من خلال تبديل الخوارزميات للمُتغيِّرات التي تختلف فيها. إذًا يحتاج البحث إلى إدخال مُعطيات الولادة والموت لعددٍ ضخمٍ – إحصائيًّا – من الأشخاص، الذين لهم مجرياتُ حياة وشخصيات مشهورة، وفحص أية تغيُّرات تطرأ على المتغيِّر، وتقدم نتائج موثوقة عند تحليلها حَسَب النظام التبتي-المنغولي في تفسير الخرائط. وبالطبع فعليها أن تأخذ في الحُسْبَان أن عِلم التنجيم لا يمكن أن يكون دقيقًا أبدًا، كما أن عليهم أن يفحصوا النتائج التي يحصلون عليها من خلال تبنِّي مواقع الأجرام السماوية من التقويمات الفلكية الغربية، التي تعوض بدارية الاعتدال، ومن خلال ملاءمة ما اختلف من نصفَيِ الكرة وتواريخ الولادة والمناطق الزمنية.
أنا شخصيًّا لدي ثقة بأنه إلى جانب نظام التنجيم التبتي-المنغولي الذي يُساعد على اكتساب رؤًى إلى الكارما والبُطلان، فإنه يمكنه كذلك أن يُعطي معلومات تقليدية، تقدم مساعدةً كتلك المساعدة المُكتسَبة من الأبراج الغربية والهندوسية الهندية والصينية. وفي النهاية اعتمد كِبارُ المعلِّمين التبتيين والمنغوليين على هذه التعاليم التنجيمية ومجَّدُوها أيما تمجيد، لم يكونوا حمقى.
التكريس
دعونا نختم إذًا بالتكريس. فلتساهِم أيةُ طاقة إيجابية أو إمكانية فَهم رسَّخَه استماعنا لكل الناس، بمن فيهم أنفسنا، المقدرة على التغلُّب على كل الجوانب الصعبة لأبراجهم، وكل طرق السلوك التي لا سيطرة عليها. وليست خرائط تنجيمنا مجرد بطاقات وُزِّعَت علينا؛ نرغب في معرفة كيفية اللعب بها بمهارةٍ ونفوز. فَلنحُرِّر أنفسنا من لعب أية لعبة ببطاقات غبيَّة، حتى نتمكَّن من استخدام كل إمكاناتنا كاملةً؛ لنُقدِّم أفضل مساعدةٍ للآخَرين.
شكرًا لكم.
ألكسندر بيرزينميونخ، ألمانيا١٣ يونيه سنة ١٩٩٦ م
تابع ايظا
عِلم التنجيم والكارما التبتيَّة-المنغوليَّة الحلقة الاولى
عِلم التنجيم والكارما التبتيَّة-المنغوليَّة .. الحلقة الثانية
عِلم التنجيم والكارما التبتيَّة-المنغوليَّة .. الحلقة الثالثة
أرسلت في الأحد 06 يوليو 2014