مقدمة في التنجيم الصحي
موضوع الصحة والمرض شغل الإنسان منذ نشوئه وربما أقدم الاعتقادات حول ذلك تظن بتأثير الشياطين والأرواح الشريرة وفي سياق تطور علم الفلك شعر الإنسان بوجود
علاقة بينه وبين الأجرام السماوية حيث ربط الظواهر الكونية الغريبة بوضعه الصحي وحاول فهم تأثير هذه الظواهر(كسوف خسوف ظهور المذنبات) على الفرد والمجتمع ويمكن اعتبار ذلك تطور في اعتقاده الديني فأخذت هذه العلاقة أشكالاً متعددة تمثلت بعلاقة عبادة وتقرب وتزلف للكواكب وخاصة الشمس والقمر لكسب رضاها وأخرى علاجية واستشفائية فأنشأت معابد للكواكب
طلباً للحظ والشفاء ، فكان المعبد يعتبر مشفى و دار عبادة ، ثم بحث الإنسان عن طباع هذه الكواكب وصنف هذه الطباع بما يتوافق مع الطباع البشرية وبحث مايناسب كل منها من العالم السفلي من الدخن والبخورات و تقرب إليها بطرق شتى تمثلت بإشعال الأدخنة والبخور وتقديم القرابين وتلاوة الصلوات لها والمبيت في المعابد ، وعبر آلاف السنين أخذ الاعتقاد بالكواكب صوراً جديدة تمثلت باكتشاف علاقة بين الكواكب والحياة على الأرض فظهر التنجيم الذي يدرس علاقة الكواكب بالإنسان ، الكلدانيون اعتقدوا ان هناك رابط بين أمورهم المعاشية والصحية والنجوم فكانوا يراقبونها ويستشيرونها في مستقبل أيامهم وحياتهم ومواليدهم ، وتعد هذه العملية أولى بوادر ممارسة التنجيم في تاريخ الإنسان واستعان( (الأطباء الكهنة) بالنجوم لتحديد الأمراض ومعرفة سيرها وشفائها، ( وقد صنف جالينوس) شيخ الطب أسباب الأمراض
وافترض وجود روابط روحانية بين الكواكب في السماء والكائنات على الأرض ومنها الإنسان وأمراضه فاعتبر الأمراض الحادة تحت سيطرة القمر، والأمراض المزمنة تحت سيطرة الشمس وهذا ما أكده أرسطو حينما قرر أن (جميع ما يطرأ على العالم من تغيير يتصل اتصالاً وثيقاً بطبائع الأجرام السماوية وحركاتها).
والإنسان من حيث هو عالم صغير بينه وبين العالم الكبير((الكون) ارتباط و مشابهة قوية فأي تغير يحصل في العالم الكبير تنعكس صورته على العالم الصغير ـ كما فسر بطليموس هذا التأثير بالقوى أو التأثيرات المشعة من الأجرام السماوية التي تجعل طبيعة (المتأثر) أي الإنسان أو الأرض بصورة عامة ـ مماثلة لطبيعة (المؤثر)) أي الكواكب ، ، ويتوقف تأثير النجوم على طبيعة كل منها وعلى موقعه بالنسبة للأرض أو بالنسبة لغيرها من النجوم.
في العصر الحديث أجريت دراسات أكاديمية حول تأثير الأجرام على الإنسان وخرجت هذه الدراسات بنتائج مهمة
أ-.تأثير القمر على الإنسان
1-الارتباط بين القمر والولادة : يرتفع معدل الولادات بزيادة القمر وتقل بنقصانه حيث سجلت النسب العظمى بحالة البدر وسجلت اقل النسب في نقصانه والمحاق
وهناك علاقة بين الولادة وظاهرة المد والجزر. ففي المجتمعات التي تعيش على ساحل البحر ، ترتفع نسبة المواليد عادة مع المد العالي . وهذا معناه ان مايتحكم بانقباضات الرحم ليس المد والجزر بل القمر الذي يؤثر على الماء وحركته ومن المعلوم ان جسم الإنسان يحوي الماء بنسبة تزيد عن 90في المائة
2-أثبتت الأبحاث وجود علاقة ثابتة بين القمر ووقت انطلاق البويضة. و قابلية المرأة البالغة للحمل ترتفع في حالة القمر المناظرة للحالة التي كان عليها لحظة ولادتها هي ، إذا كانت قد ولدت عندما كان القمر بدراً ، فإن أعلى احتمالات الحمل عندها عندما يكتمل البدر(معلومة إحصائية)
3-علاقة القمر بالنزيف الدموي:-
أكثر من 80في المائة من حالات النزف تحصل في الربعين الثاني والثالث من الشهر القمري وهذا يعود لهيجان السوائل في جسم الإنسان و يتجنب بعض الأطباء إجراء العمليات الجراحية في الليالي المقمرة و يؤجلونها إلى الليالي المظلمة
4- علاقة الجرائم بالقمر
كان القانون الانجليزي منذ مائتي عام يفرق في نصوصه بين المجانين ، فالذين يعود جنونهم إلى اثر القمر عليهم والجرائم التي كان يرتكبها عند اكتمال البدر ، كانت تنظر بها المحاكم بكثير من الرفق والتساهل .
ومن تقاليد مصحات الأمراض العقلية الراسخة، إلغاء إجازات العاملين بالمصحة والمشرفين عليها عند اكتمال البدر توقعاً لتأثير القمر على المرضى.
الجرائم تصل إلى ذروتها عند اكتمال القمر علما أن اختفاء البدر وراء السحب الكثيفة لا يمنع أو يعطل هذه الظاهرة وبالنتيجة فليست رؤية القمر هي السبب بل تأثيره
5-تمكن بعض علماء النفس من اكتشاف علاقة سيكولوجية مباشرة بين الإنسان والقمر ، وذلك من خلال قياس الفرق في الطاقة الكهربائية الكامنة بين رأس الإنسان وصدره ، جميع الناس يتغير عندهم الفارق الكهربائي من يوم إلى آخر. وأن أعظم فارق بين قراءة كهربائية الصدر والرأس يكون عند اكتمال القمر. وبصفة خاصة بين مرضى العقل .كما ان هناك علاقة بين أشكال القمر والتهاب الرئة , وبين كمية حامض البوليك في الدم .
ماهية تأثير القمر
كما هو معروف فيزيائياً فإن القمر يؤثر على المجال المغناطيسي الأرضي، وأن هذا التأثير يسبب الأزمات عند الأشخاص الذين يختل توازنهم العقلي. في الواقع أن الإنسان مثل الآلة الكهربائية إذ تقوم الغدة الصنوبرية في دماغ الإنسان مقام قطب مغناطيسي لذلك فانه يتأثر بالتغيرات الكونية الدورية الناتجة عن الأجرام السماوية القريبة , كما في حالة جاذبية القمر وتعمل هذه العوامل على تعميق انعدام التوازن وتؤكد الصراعات الموجودة عند الإنسان .
6-كما يأتي الموت بتأثير مرض التدرن الرئوي غالباً قبل اكتمال القمر بسبعة أيام. ولهذا صلة بأثر الدورة القمرية على التوازن بين نسبة القلويات والأحماض في الدم
ب- تأثير الشمس :
1- إحصائيات حوادث السير تزداد إلى أربعة أضعاف عند الهيجان الشمسي بسبب تأثر المجال المغناطيسي الأرضي جراء زيادة عدد البقع الشمسية , والتي تسبب الأزمات عند بعض الأشخاص الذين يختل توازن الجهاز العصبي لديهم , وذلك لان الغدة الصنوبرية في دماغ الإنسان تقوم (مقام قطب مغناطيسي يجعله (الإنسان) أكثر بطئا في الاستجابة للمؤثرات الخارجية , مما يسبب في سوء القيادة) .
2- الأوبئة الخطرة مثل , الطاعون والكوليرا في أوروبا ، والتايفوئيد في روسيا والحصبة الوبائية في أمريكا (التي حدثت سابقا)، كلها حدثت عند أوج النشاط الشمسي الذي يحدث كل 11 سنة .
3- وأظهرت بعض النتائج الطبية ان النشاط الشمسي يؤدي إلى زيادة في عدد الولادات الطبيعية ,
4- النشاط الشمسي يزيد نسبة الزلال في الدم , ويؤدي لهبوط نسبة الخلايا اللمفاوية في الدم عن معدلها الطبيعي , وهذا يؤدي إلى زيادة عدد المرضى الذين يعانون في نقص الخلايا اللمفاوية,
5- وهناك العديد من الأمراض الأخرى التي تتأثر مباشرة بالعواصف المغناطيسية التي يسببها الكلف الشمسي مثل :-مرض الجلطة , والتدرن الرئوي
ج-. تأثير الكواكب السيارة القريبة:
مرض الأنفلونزا الذي اجتاح أمريكا وقسم من أوربا وقتل عدد اكبر مما قتلته أي حرب يعتقد البعض ان الأوضاع الفلكية لها بالغ الأثر في ذلك وخصوصاً وجود زحل ونبتون في برج ناري مقترنين أو تقابل زحل الأسد مع نبتون كما حصل مؤخراً في انتشار أنفلونزا الطيور
د- تأثير اصطفاف كواكب المجموعة الشمسية: فإن الكواكب التسعة تصطف )أي تكون على خط مستقيم) مع الشمس كل 176 عاماً.ويقال بتأثيرها على المجموع العام للبشر وماهية هذا التأثير تتعلق ببرج اجتماعها
إذا الإحصائيات الحسابية العلمية تشير بأن هناك تأثيرات واضحة لبعض الأجرام السماوية والظواهر الكونية العليا على الإنسان والكائنات الحية الأخرى .
فالجاذبية العامة للأجرام السماوية القريبة من الأرض والأشعة الكهرومغناطيسية وطاقة الرياح والإنفجارات الشمسية لها تأثير واضح على الظروف الفيزيائية للأرض وبالتالي على طبيعة الإنسان والحيوان وحتى النبات .
إذ تتلقى الكائنات الحية بما فيها الإنسان في كل ثانية على سطح الأرض ومنذ ولادتها وحتى مماتها خليط معقد من الأشعة المرئية وغير المرئية المنبعثة من الشمس والمنعكسة من بعض الأجرام السماوية القريبة ، لذلك فإن هذه الكائنات تتأثر بشكل ملموس ويتغير طباعها تباعاً لكمية هذه المؤثرات فضلاً عن تأثير قوى الجذب ومؤثرات أخرى مثل التقلبات الجوية والإنفجارات الشمسية.
بقلم حسان ياسين الصالح
أرسلت في الأربعاء 16 يونيو 2010