يعزى كتاب التاو – تي – تشينغ إلى حكيم صيني غامض السيرة يدعى لاو – تسو، عاش حياته خلال الفترة الواقعة بين أواسط القرن السادس و أواسط القرن الخامس قبل الميلاد او ابعد من ذلك وقد مارس الكتاب تأثير كبيرا على الحياة الفكرية والروحية للصين،وبما لا يتناسب وحجمه الصغير جدا0
يقوم التفكير الصيني منذ اقدم الازمنه على النظر إلى الحياة والإنسان والوجود با أكمله ، على انه نتاج قوتين ساريتين في كل مظاهر الوجود ، هماالـ يانغ و الـ ين : الموجب والسالب ، المذكر و المؤنث 0 وهاتان القوتان على تعارضهما متعاونتان ولاقيام لاحدهما في معزل عن الأخرى ،فهما اشبه بالقطب السالب والقطب الموجب في قضيب المغناطيس وفي التيار الكهربائي0
وهذا مثال يوضح تلك النظرة : يحكى أن فلاحا صينيا فقد حصانه الوحيد الذي يساعده في أعمال الحقل، فجاء إليه جيرانه في العشية يواسونه في مصيبته قائلين : ايه مصيبة حلت بك !
هز الفلاح رأسه قائلا : ربما من يدري ! في اليوم التالي رجع الحصان إلى صاحبه ومعه سته جياد بريه ادخلها الفلاح إلى حظيرته 0 فجاء إليه جيرانه يهنئونه قائلين :أي خيرا أصابك !
هز الفلاح رأسه قائلا : ربما من يدري ! في اليوم الثالث عمد الابن الوحيد للفلاح إلى أحد الجياد البريه فأسرجه عنوة واعتلى صهوته ، ولكن الجواد الجموح رماه فوقع أرضا وكسرت ساقه 0
جاء إليه الجيران يواسونه قائلين : أية مصيبة حلت بك ! فهز الفلاح رأسه قائل :ا ربما من يدري ! في اليوم الرابع جاء ضابط التجنيد في مهمة من الحاكم لسوق شباب القريه إلى الجيش ، فأخذ من وجدهم صالحين للخدمه العسكرية وعف عن ابن الفلاح بسبب عجزه 0 فجاء الجيران إلى الفلاح يهنئونه قائلين : أي خير أصابك ! رد الفلاح قائلا : ربما من يدري !
ومغزى حكاية الفلاح هذه من وجهه النظر الطاوية أن فن الحياة لا يقوم على طلب اليانغ و استبعاد الين ،بل الحفاظ على حاله من التوازن بين القطبين، لانه لا قيام لا حدهما الا بوجود الآخر .
تم تمثيل قوتي اليانغ والين بصريا (الشكل الموجود أعلاه ) على شكل دائرة تحتوي على مساحتين واحده مظلمة والأخرى مضيئة 0 فالدائرة هي المبدأ الأول قبل ظهور الموجودات ، وهي القاع الكلي الثابت قبل ظهور التغيرات 0 لانه لابد لكل متغير من مرجعيه ثابتة تعمل على إظهاره ، وتكون بمثابة الخلفية التي تنتظم فوقها المظاهر المتحولة وتتبادل فيما بينها العلائق 0 أما المساحتين المظلمة منهما والمضيئة ، فقد صورتا في وضع دوراني يدل على التناوب الأبدي فيما بينهما ، وهو التناوب الذي اظهر الموجودات من حاله الاتمايز والسكون عالم الشكل والحركه 0
أن الخط الفاصل بين المساحتين داخل الدائرة يعبر عن ظهور الأقباط إلى حيز الوجود ، فهذا الخط هو الذي احدث شرخا في الفراغ المتماثل وقسمه إلى أعلى واسفل ، إلى يمين ويسار ، والى أمام وخلف ، وانحلت الوحدة السابقة إلى مظاهر ذات قوى متعارضة ومتجاذبة في الآن نفسه 0
آن اليانغ لا يتجلي في حالته الصرفه ، ولا الين كذالك ،فقد صور القسم المظلم من الدائرة وفيه بقعه صغيرة بيضاء وصور القسم المضيء وفيه بقعة صغيره سوداء لان في كل إيجاب بعضا من السلب وفى كل سلب بعضا من الايجاب0 تدعى هذه الدائرة بدائرة التاو ، وتتخذ مكان البؤرة في التفكير الصيني 0
________________________________________________
المراجع
1- كتاب /التاو انجيل الحكمة التاويه في الصين / فراس السواح 0
أرسلت في السبت 10 مارس 2012