يعلم الجميع بقوى الجذب الموجودة بين كل جسمين ( يجذب كل جسمين في الكون احدهما الاخر بقوة تتناسب طرديا مع حاصل ضرب كتلتيهما وعكسيا مع مربع المسافة بينهما (قانون الجذب العام لنيوتن ) )، فالأرض مثلاً تجذب إليها القمر بقوة كافية تحفظ له مساره , والقمر بدوره يدور حول الأرض مرة واحدة كل ٢٧٫٣ يوماً تقريبا (الدورة النجــمية ) أو ٩٢٫٥٣ يوماً تقريبا (الدورة الاقترانية) . أما الكرة الأرضيـة فتعطي القمر كل أوجهها كل ٢٤٫٨ ساعة وهذا يعني أن مياه الأرض كلها تتعرض لجاذبية القمر مرة كل يوم تقريباً ، فتجذب مرتفعة ثم تسقط ثانية كلما ابتعدت عن مواجهة القمر وهذا ما نسمية بظاهرة المد والجزر العاديين .
تستجيب كل نقطة ما في المحيطات لهذه القوة و يشعر كل كائن أو نبات بحري بهذا الايقاع ، فيؤثر هذا الشعور والإدراك على حياة هذه الكائنات ، وبصفة خاصة تلك التي تعيش على شاطىء البحر ، فالمحار مثلاً .. يفتح صدفتيه ليتناول طعامه أثناء المد ، ويغلقها عندما يحل الجزر تفادياً للضرر والجفاف .
كذلك فان ايقاع الانسان اليومي الطبيعي , يتوافق بشكل كبير مع دورة اليوم القمري , الذي يحدد حركة المد والجزر فيه مع اليوم الشمسي لذلك تحدث العديد من الدورات المتزامنة بايولوجيا ( Chronobiologic ) ايقاعا في اوقات مختلفة من النهار , أو من الليل , أي ايقاع الحياة في النباتات مثلا أو في بعض الحيوانات , وتفتح بعض الزهور تويجاتها وتغلقه في اوقات معينة من اليوم , وتزهر النباتات في الوقت ذاته من آل يوم , وتهاجر الطيور في هذا الفصل أو ذاك…..الخ .
الإيقاع الشهري للمد والجزر :
يتبع هذا الايقاع دورة القمر حول الأرض بالمدة ٢٩٫٥٣ يومياً من اكتمال البدر وحتى اكتمال البدر التالي ، ولمرتين خلال هذه الدورة ، يحدث يصطف القمر والشمس والأرض في خط واحد , وبهذا تزداد جاذبية القمر بما يضاف إليها من جاذبية الشمس ، فيحدث على الأرض المد والجزر أقوى من المعتاد وعندما تعاكس جاذبية الشمس جاذبية القمر ، يحدث أيضاً لمرتين خلال دورة القمر . أي ينخفض المد والجزر على معدله المعتاد .
يعتمد بقاء جنس بعض الأسماك واتصال سلالتها على استجابتها الدقيقة لحركة القمر. فبعد اكتمال القمر خلال الشهر ، تظهر هذه الأسماك على الشاطئ وما أن يكتمل البدر ويحدث المد الأكبر ، حتى تخرج هذه الأسماك مع الأمواج إلى الشاطئ الرملي. إذ تضع بيضها على الرمال المبتلة ، وبعد اسبوعين تماماً تحل موجة المد العالي التالية ، فعندما يصل الماء إلى موقع البيض الذي يكون قد تهيأ للفقس . ومع اللمسة الباردة الأولى للماء يفقس البيض ويندفع السمك الصغير ( البلاعيط) إلى الماء .
ونجد كذلك بعض الديدان (التي تعيش في صخور البحار ) في جزء من ذنبها خلايا تناسلية , تتحرر لتصعد إلى السطح خلال يومي الربع الاخير للقمر في شهري تشرين الاول/نوفمبر وتشرين الثاني/ديسمبر , كما أجريت تجارب على البطاطا والجزر وبعض ديدان التربة وعلى الطحالب فاذا عزلت في احواض صلبة معرضة لضغط وحرارة ثابتتين فانها ستظل تستهلك الاوكسجين وفقا للايقاع القمري , أي استهلاك ادنى عندما يكون القمر هلالا , واستهلاك اقصى عندما عندما يكون القمر بدرا .