الإحساس، ورد الفعل، والاستجابة، والأم، البيت، وتفضيلات الطعام، والعادات المنزلية، والعادات بشكل عام. وملجأنا، وملاذنا الآمن، وطبيعة شعورنا بتلقي الرعاية وتقديمها للآخرين، وكيف نرعى الآخرين. والمسكن.
القمر يمثل حاجتنا لتقديم الرعاية وتلقيها، ونزوعنا إلى الاهتمام بالغير، والتدليل والحماية. وهو الطفل الذي يقيم داخلنا كلنا حتى ونحن كبارٌ راشدون، ففي بعض الأحيان نكون اعتماديين، معوزين وفي حاجة للحماية.
والهيئات الفلكية لقمرنا لديها الكثير لتقوله عن مدى سهولة أو صعوبة عملية تقديم الرعاية للآخرين أو إيجاد الملجأ أو الملاذ الآمن لأنفسنا. فسيصف القمر خاصة بدلالته ما من شأنه تهدئتنا، وجلب الراحة إلى قلوبنا، وسكينتنا. وستبين لينا هيئاته ما يدعمنا أو ما يضعنا في الطريق الصحيح لتحقيق ذلك.
فالقمر في النظير مع حاكمه، يدل على المكان الذي جئنا منه بشكل عام، وخلفيتنا العاطفية، جذورنا، وماضينا وإرثنا. كما يصف سلوكنا فيخبرنا عن كيفية تصرفنا في الطفولة، والاستجابات لمختلف المؤثرات في البيئة، وكيف سنحتفظ بنفس النزعة إلى التصرف بتلك الطريقة، ربما من منطلق برمجتنا الداخلية أو تأثير التعود.
فالقمر وزواياه مع الكواكب تدلل على حالتنا عندما نستجيب للمحفزات ونتفاعل معها بتلقائية أو من خلال اللاوعي. فالقمر مثلاً مع المريخ، يخلق ردة فعل سريعة، أو غاضبة، ويميل دائماً إلى الاستعداد للحركة والتحفز.
أما القمر وزحل، فيبدو مسيطراً على ردود الأفعال ويستجيب مع توخي الحذر. وتواجد كوكب في موقع ما من القمر له دلالة فيما يخص سهولة أو صعوبة عملية التعبير عن أنفسنا، وكذلك طبيعة هذه المشاعر. المشاعر تتأثر كثيراً بمورِّثاتنا(الجينات)، وطبيعة المشاعر التي تحيط بنا عند النشأة، تلك الطبيعة التي لم نكن نعيها بقدر ما كنا نتشربها ونتقمصها.
والقمر يدل على بيتنا، واختياراتنا المنزلية بشكل عام. فالبيت هو المسكن، والقمر يدل على كيفية احتوائنا للآخرين وقبولهم في المعنى الأشمل، كيف نضبط ونكيّف أنفسنا على الناس والظروف التي تواجهنا في الحياة.
والمفروض أنَّ استجاباتنا تختلف باختلاف الأشخاص والخبرات الفردية، وكل حالة جديدة تستدعي شيئاً مختلفاً: رد فعل عاطفي عفوي لا إرادي مختلف واستجابة سلوكية مختلفة.
والقمر يمثل البيت حيث المنزل يعطينا مكاناً نلوذ به، ومرسىً آمناً لعواطفنا، مكاناً نشعر فيه بالأمان وبالحرية الكافية لنكون أنفسنا، حيث نستطيع التجوال فيه بأكثر هيئاتنا تواضعاً، وبأي طريقة نختارها، آمنين من عيون العالم الخارجي. القمر يمنحنا ملاذاً آمناً.
والقمر مسؤول أيضاً عن مدى شعورنا بالراحة والتصالح مع أنفسنا، وهذا يؤثر بالضرورة على الطريقة التي نتعاطى بها مع الآخرين، واستجابة الآخرين لها. فنحن نميل إلى اللجوء لكل ما يصفه قمرنا، ببساطة لأنه أليف. وفوق كل شيء فهو يخبرنا عن جذورنا، وأصولنا التي انحدرنا عنها إلى هذا المكان والزمان.
وسيخبرنا القمر عن الأمان العاطفي الذي تمتعنا به عندما كنا أطفالاً، وحتى إن لم نشعر بالأمان على وجه التحديد (ربما كانت لدينا اتصالات صعبة هب أنها كانت لزحل أو أوروانوس أو بلوتو مع قمرنا)، فسنظل نميل إلى الانجذاب لكلِّ ما يمثله القمر، لأنَّ هذا الجرم السماوي يصف لنا أنماط التعود التي اكتسبناها. وهو على الأرجح مثل تدخين لفافة تبغٍ مع فنجان القهوة: فإن كنت تفعل هذا الشيء بشكلٍ متكررٍ بما يكفي للتعود عليها هكذا، فستصل لمرحلة لا تستطيع معها الاستمتاع بفنجانِ القهوةِ دون أن تصحبه تلك اللفافة.
وهو كذلك يصف البيئةَ المنزليةَ التي نشعر فيها بالراحة أكثر من غيرها، فوجوهُ قمرنا ستقول دائماً شيئاً ما عن مدى صعوبة أو سهولة حياتنا، وأيضاً مدى المشقة أو الراحة التي تقابلنا عند العيش مع الآخرين. وهذا مرة أخرى يتعلق كثيراً بقدرتنا على التكيف ومدى شعورنا بالأمان العاطفي. فإن كنا نشعر بالأمان عندما نكون أنفسنا، سنتمكن من التصرف بطريقة تلقائية وعفوية، ونصبح أكثر تكيفاً مع أساليب حياة الآخرين المختلفة، وعاداتهم المتباينة (خاصة العادات المنزلية)، وتأرجح المزاج، وما إلى ذلك.
فالقمر يمثل الأم ويرمز لها. ولدى كلٍّ منَّا أم بيولوجية، وقمرنا سيصف تجربتنا معها. وسيخبرنا الكثير عن تجاربنا طوال الفترة التي كنا نتلقى فيها رعايتها، والتي بدورها ستؤثر على كلَّ تلك العوامل المذكورة آنفاً. وفي خرائط الأطفال الذين تلقوا الرعاية من عائلات متعددة أو كثيرة، أو عاشوا في دور مؤسسات الرعاية، فإنَّ القمر في خارطة الطفل (بمحوري السمت والنظير، وحاكميهما) سيشير في العادة إلى كل من قدَّم الرعاية لذلك الطفل، ليس ذلك فقط بل يشير إلى أمه “الحقيقية” أيضاً، ولكن بطرق مختلفة.
وعليه فالقمر يخبرنا عن تجربتنا الأولى مع الأم، بغضِّ النظر عن شخصها أو “الأشخاص” الذين قاموا بدورها في ذلك الوقت. فالقمر يعنى بذلك الجانب من الأمومة الذي يقول: ” سأقبل بك دون شروط، وسأحميك، وأعتني بك، وأضمك بعاطفة جياشة وأمنحك بيتاً آمناً، حيث يمكنك استكشاف مشاعرك والتعبير عنها، ومهما كانت هذه المشاعر فسأحتويها وأتقبلها. سأطمئِن خوفك، وأهديءُ من غضبك، وروعك.”
وبمقدورنا تلقي هذا النوع من الرعاية من أيِّ شخص، وفي الطفولة السوية يتم تلقي هذه الرعاية من عدة أشخاص على الأقل. ورغم ذلك فأول ارتباطٍ لنا يكون مع الأم-أمنّا، وإن كان ذلك نتيجة لأسباب عملية خالصة فليكن، لأنها حملتنا في أحشائها، وسقتنا مشاعرها وأمزجتها كما أحيتنا بغذائها.
إنها أولُ شخص نرتبط به ولذلك فهي أولُ شخص نتجه إليه للحصول على التقبل غير المشروط. فالقمر يبدو كأنَّه يجسد الأم ولكنّه أيضاً يجسد تجاربنا الأولى عن الرعاية بشكل عام، ومثلما أنَّه قد يرمز للأب، ولكل المستضيفين من مقدمي الرعاية- بيد أنَّه حيثما كان مجسداً لراعٍ غير الأم الوالدة، فسيكون ذلك واضحاً على الخارطة، من خلال وضعياته بالبيوت المختلفة أو حاكميتها، أو أيٍّ من العوامل الأخرى.
ولقمرنا من خلال دلالته، ووضعيته في البيوت، وعلاقاته مع الكواكب- الكثير ليقوله عن ذاكرتنا الشعورية عندما كنَّا أطفالاً، وأكثر من ذلك، خاصةً ما إذا كنا نشعر بالأمان أم لا. ومدى شعورنا بالأمان الآن، وهل نشعر بأننا محميون، وكيف نحمي الآخرين ونهتم بهم، وسهولة أو صعوبة عملية قيامنا بكلِّ هذا تتأثر بشكل خاص بالقمر.
المصدر : الاتصالات في التنجبم
المؤلف : المنجمة (سي) سو تومبكنز
Aspects in Astrology
A Guide To Understanding
Planetary Relationships
in the Horoscope
SUE TOMPKINS