دراسة واختبار للتنجيم الهندي .الدكتور جيانت في نارليكر . الحلقة الاولى

جيانت في نارليكر: أستاذ فخري في المركز الجامعي المشترك لعلوم الفلك والفيزياء الفلكية في بوني بالهند، وهو عالم ذائع الصيت في مجال الفيزياء الفلكية، ويتمتع بشهرة عالمية بعمله في علم الكونيات.

 

اختبار هندي للتنجيم الهندي المسمى بالتنجيم النجمي وقبل البدء في وضع المقال ونتيجة الاختبار لابد من تنبيه مهم وفق منهج الحكمة في منتدياتنا ووفق منهجيتنا 

وهو اولا ان هذا التنجيم ليس هو التنجيم الاستوائي الذي اثبت جدارته وهو يختلف كثيرا في تفسيراته مع التنجيم الهندي النجمي فالتنجيم الهندي يقوم على أساس مختلف في فهم وتفسير رمزية الدلالة وقد بينا وشرحنا الفرق بين التنجيمين فمدرستنا استوائية وليس هندية نجمية 

والتنبيه الثاني هو ما يظهره الاختبار لنا من جهل المنجمين الهنود لفهم والية عمل التنجيم بالتالي جهل مقيم الاختبار 

فهو قد احتج على المنجمين الهنود بمنهجهم الخاطئ فولد الخطأ خطئا . فهم كانوا يظنون ان التاريخ والمدينة وحدهما كفيلان بمعرفة ذكاء او بلادة الانسان او اعاقته الذهنية وهذا امر واضح البطلان ويمكن معرفته ببساطة وهو انه في دقيقة واحدة في مدينة بومباي الهندية يلد مئات الأطفال في نفس الدقيقة فهل كل هولاء معاقون او لهم نفس الدرجة من البلادة والذكاء فهذا امر غريب فعلا فكيف فاتهم ذلك بل كيف فات الدكتور المختبر ذلك ايظا . عموما انا شرحت وبينت عمل والية التنجيم وانه التاريخ والوراثة والمكان الذي ولدت به ومن كان حولك ومن يولد المرأة كل هولاء لهم تاثير بل ان الطبيب او المولدة لها تاثير على اول ظهور الجنين اكثر من تاثير بعض الكواكب ذلك نظرا لقربه منه وملامسته وطاقته حتى العلم الحديث قد اثبت ان جاذبية انسان بقربك ربما تكون اكثر تاثيرا عليك من جاذبية كوكب كبير بعيد عنك .

مما يعني اننا لابد ان نتخذ المنهج الذي يتخذه الطب فنسأل عن حال الطفل ونراه ونرى الأثر وما يظهر عليه ومن خلال الاعراض مع التاريخ ومكان الولادة نعرف الحقيقة واضحة جلية . ان أي تاثير يقع كهرمغناطيسي او غيره ولو كانت موجات كهربائية حتى لو صدرت من الشمس العظيمة بسبب انفجاراتها والتي تهدد أمور كثيرة كما نسمع ويذكر الخبراء ذلك كثيرا فكل هذه الأشياء اذا اصابت مجموعة في وقت واحد لن يتاثرون جميعا بنفس الطريقة بل منهم من يتضرر كثيرا ومنهم من يتضرر قليلا ومنهم من لا يظهر عليه الا الشئ النادر والبسيط وهذا هو حال اثار التنجيم وحتى الذي يؤمن بدلالة العلامة فقط فلن يكون محقا لان التاثير غير متساوي اذن التنجيم كما قلت وكررت هو منه ومنا يعني من التاريخ والأرض والوراثة والمحيط .

فالامر اشبه بمجموعة من الرجال الذين لديهم مشكلة بالقلب والبعض منهم مشغول او يفكر في شيء ما والبعض مدرك وغير تائه الفكر فوقعت قربهم قنبلة فاكيد البعض سيصاب بسكتة قلبية ويموت والبعض يصاب بها خفيفة والبعض يظهر تاثر طفيف عليه فهم مع انهم يعانون من نفس المرض ونفس ضعف القلب لكن المحيط والدائرة التي هم بها أظهرت تاثيرا مختلفا عليهم نظرا لمحيطهم وما هم فيه من وضعية فهولاء هنا وفق التنجيم الهندي لابد ان يكون تاثيرهم واحد يعني اما ان يموتوا كلهم واما ان يحيووا كلهم لكن وفق التنجيم الاستوائي فالامر مختلف جدا فلا يؤخذ جزافا بل وفق نظر اشمل واكمل ومن جميع النواحي تاريخا ومكانا ومحيطا وما هم في من وضع خاص وهذا ما شرحناه وبيناه ومنذ سنوات كثيرة هنا. 

بالتالي أي اختبار لا يستقيم مع ما نقول لا يعتد به لكن مع هذا كله اعترف الدكتور بين اسطره بانه في سنة 1961 اجرى احد المختصين اختبارا في التنجيم الغربي فكانت نسبة الإصابة 72 في المائة حيث قال :

ففي دراسة كلارك (١٩٦١) بلغ متوسط التنبؤات التي أصاب فيها عشرون منجمًا ٧٢ بالمائة لعشر حالات نسب ذكاء مرتفعة يصاحبها حالات شلل دماغي. 

لكن المقطع الثاني اللاحق بهذا المقطع هو في الحقيقة لمنجمين غربيين يمارسون التنجيم الهندي فكانت نسبة الإصابة 52 بالمائة.

ومع ما ذكرنا لا يكون أي اختبار دقيق الا اذا كان مطابق للشروط المذكورة وهنا ربما سائل يسال ويقول ما هي افضل طريقة لأجراء الاختبار ؟

والجواب هو ان يجرى الاختبار وفق التنجيم الساعي أي تنجيم المسائل أي تنجيم السائل والمجيب وفق المدرستين الهندية والاستوائية فنضع الأسئلة عن أمور مهمة كما شرحنا ذلك في التنجيم الساعي أي تنجيم المسائل وننظر الإصابات فان اعتد بها اثبتت والا اسقط العلم بسقوط نتائجه وثمرته وكل من تابعني هنا يرى مقدار الاصابات الدقيقة طوال هذه السنوات فتنجيم المسائل هو ادق ما يمكننا ان نجري عليه الاختبار واما تنجيم الولادة فهذا امر شائك وراجع لشروط ومقدمات ومعرفة حالات السائل واوضاعه يمكن ان نجري به او عليه اختبارا لكن وفق معايير مختلفة عما سبق فنقول مثلا ان تراجع عطارد في هيئة مولود معين يجعله عرضة لكذا ويعطيه مواصفات كذائية ونجمع مجموعة ممن يكون عطارد متراجع عندهم ونرى نسبة دقة الدلالة والاثر هكذا يكون الاختبار الدقيق في المواليد .

هذا هو توضيحي وردي وقد تعجبت من سطحية ردود المعاهد الهندية وطبيعة تفسيرها وكيف من يدعي التنجيم لا يلتفت لهذه البديهيات مع انهم هناك يعطون شهادات دكتوراة به في الهند فهو معترف به رسميا ويدرس في جامعاتهم .

 

 

وبعد هذه المقدمة المهمة نعود لموضوع الدكتور لنضعه اسفل هذه الردود 

 

جيانت في نارليكر: أستاذ فخري في المركز الجامعي المشترك لعلوم الفلك والفيزياء الفلكية في بوني بالهند، وهو عالم ذائع الصيت في مجال الفيزياء الفلكية، ويتمتع بشهرة عالمية بعمله في علم الكونيات.

 

اختبار هندي للتنجيم الهندي جيانت في نارليكرترجمة سارة عادل٣ يوليو ٢٠١٤

يدَّعي عرَّافون هنود أن باستطاعتهم معرفة ذكاء الشخص من خلال البرج الذي ينتمي إليه، ولكن حين أُعطي سبعة وعشرون منجمًا أربعين من خرائط الأبراج لأشخاص أذكياء فكريًّا وأشخاص معاقين ذهنيًّا، لم يتعدَّ تنجيمهم ما يمكن عزوه إلى الصدفة.

 

في عالم التنجيم، تتمتع الهند بأسباب عديدة للشهرة؛ إذ تتميز الهند بتنجيم يختلف جذريًّا عن التنجيم الصيني والغربي.١ كما أن عدد المنجمين الذين يعملون بدوام جزئي أو كامل فيها يفوق عدد المنجمين في باقي أجزاء العالم مجتمعين، بالإضافة إلى أنها تضم أقدم مجلة شهرية تصدر حتى الآن باللغة الإنجليزية متخصصة في مجال التنجيم (ذي أسترولوجيكال ماجَزين ١٨٩٥–٢٠٠٧). كما أن هيئة التمويل الحكومية الأساسية فيها — لجنة المنح الجامعية — تدعم مقررات شهادتي البكالوريوس والماجستير في التنجيم في الجامعات الهندية. وأما بالنسبة لعموم الهنود، فيجد المرء اعتقادًا عامًّا في التنجيم. 

يقول عالم الفلك الهندي وأحد منتقدي التنجيم بالاشاندرا راو (٢٠٠٠، ١٤٩): «إن الاعتقاد في التنجيم بين عموم الناس لدينا عميق جدًّا لدرجة أنهم يهرعون دون تردد إلى المنجمين بخرائط أبراجهم من أجل اتخاذ أي قرار تافه في حيواتهم الشخصية، مثل التقدُّم لوظيفة بعينها من عدمه.» وبالمثل، يستشير العديدون المنجمَ لضمان أن تاريخ يوم الزواج مبشر بالنجاح. على سبيل المثال، في عام ١٩٦٣، أدت نصيحة المنجم إلى تأجيل حفل زفاف ولي عهد ولاية سيكيم الهندية لمدة عام. وإذا ما اعتُقد أن يومًا بعينه مبشر بالنجاح بوجه عام، فمن الممكن أن يؤدي ذلك إلى عقد عدد ضخم من حفلات الزفاف؛ مما يضع ضغطًا كبيرًا على المنشآت مثل قاعات الأفراح، ومتعهدي الحفلات، وما إلى ذلك. 

 

التنبُّؤ بالأحداث

يتعلم المنجمون الغربيون بوجه عام أن التنجيم ليس قدريًّا؛ ومن ثم فإن توظيفه في التنبؤ بالأحداث ليس مُجديًا. أما المنجمون الهنود فيعتقدون في الرأي المقابل، وكلُّ منجمٍ جديرٍ بلقبه يجب أن يكون قادرًا على تقديم مثل هذه التنبؤات. للأسف، مثل هذه التوقعات ليست عليها أي ضوابط. على سبيل المثال، كتب بي في رامان (١٩١٢–١٩٩٨) — ناشر ومحرر بمجلة «ذي أسترولوجيكال ماجزين» — يقول: «حين كان كوكب زُحل في برج الحمل في عام ١٩٣٩، كان لزامًا على إنجلترا أن تعلن الحرب ضد ألمانيا.» (لاحظ القدرية) في عمل كان يهدف إلى «تقديم حجة لصالح التنجيم» (رامان، ١٩٩٢، ١١٩). ومع ذلك، أغفل هذا المنطق عن ملاحظة أن زحل كان في برج الحمل أيضًا في عامي ١٩٠٩ و١٩٦٨ اللذين خلَوَا من الأحداث فيما عدا الزيارات الرئاسية الرسمية الخارجية من قِبَل الملك إدوارد السابع والملكة إليزابيث الثانية على التوالي. 

كثيرًا ما يدَّعي المنجمون الهنود ادعاءات متطرفة حول علم الفلك الهندي، ومثال ذلك ما زعمته مجلة «ذي أسترولوجيكال ماجزين» لشهر مارس من عام ١٩٨٤ أن الكواكب أورانوس ونبتون وبلوتو قد اكتُشِفت حوالي عام ٥٠٠ قبل الميلاد (راو، ٢٠٠٠، ٣٦). لكن ادعاءاتهم حول التنجيم الهندي تميل إلى أن تكون أكثر تطرفًا، مثلما جاء في عدد ٢٥ أغسطس لعام ٢٠٠٣ من صحيفة «إنديان إكسبريس»، الذي قال فيه راج بالديف — الذي ادَّعى أنه «خبير في علوم الفلك والتنجيم والرياضيات الكونية والماورائيات» — إن التنجيم الهندوسي القديم «هو علم كامل»؛ بحيث إن جزءًا واحدًا من مليون مليار جزء من الثانية «يصنع فارقًا كبيرًا». قد يتعجب المتشككون من ذلك؛ إذ إنه يشير ضمنًا إلى أن الظلال الملقاة على المَزَاول الشمسية القديمة كان موقعها يُحَدد روتينيًّا بدقة أعلى من جزء من مائة مليون جزء من قطر الذرة، حتى في الليل. هل يمكنك أن تصدق ذلك؟ 

تعقيدات بلا نهاية

يفوق التنجيم الهندي التنجيم الغربي تعقيدًا، ويضم عددًا لا يُحصى من الحِكَم الموثوق فيها التي تشمل كل المواقف المحتملة. في الواقع، استغرق الكُتَّاب الغربيون القلائل الذين وصفوا تطبيق التنجيم الهندي في الغرب — كما هو معتاد — عقودًا من الدراسة قبل تلك الخطوة. لكن، مثلما أشار أحد هؤلاء: «هذا الأمر عادي بالطبع بالنسبة لمجتمع يفوق تاريخه الستة آلاف سنة، ولم يوظِّف شيوخه التنجيم فحسب، وإنما اعتنقوه كذلك.» (براها، ١٩٨٦، ١٠).٢

 

كذلك، لا يوجد مقابل غربي للطرق التي يمكن أن تُعدَّل بها هذه الحِكَم الموثوق بها عبر التمائم والمانترا والألوان والأحجار الكريمة المختارة بعناية (يقال إن الياقوت الأصفر أو الأزرق يعزِّز المشترى أو زحل على التوالي)، وبعقد طقوس الياجيا (وهو احتفال روحاني يتضمن تقديم قرابين للنار يُقيمه كاهن هندوسي). الأمر المثير للسخرية أن هذه التعديلات التي يحددها المُنجِّم هي بالأساس طرق قدرية لتحقيق نتائج لا قدرية.

اختبار هندي للتنجيم الهندي

يختلف شكل خرائط الأبراج الهندية عن مثيلاتها الغربية، كما أن علاماتها وبيوتها ومراكزها الفلكية تُحسب على نحو مختلف. كما أنها تختلف في الكيفية التي تُفسر بها. فالتفسير غربي النمط الذي يركز على صاحب البرج ودوافعه يعتبر غير مقبول في الهند، حيث يتوقع المؤمنون به قراءة الطالع. 

 

 

 

معجزة تنجيم اﻟ «نادي»

يتميز تنجيم «النادي» الهندي بأشكال مختلفة، ولكن إذا ما أتى أيُّ شكل من هذه الأشكال بنتيجة فستكون هذه معجزة. عندما يتعامل مُنجِّمو النادي مع عميل، تجد أنهم يحتفظون بمجموعة ضخمة من خرائط الأبراج على أوراق نخيل عتيقة، ويتضح أن إحداها تخص العميل. لكن بالقليل من التفكير يتضح أن الأمر ليس إعجازيًّا كما يبدو. تأمل السيناريو التالي. 

بعد تقديم تفاصيل الميلاد خلال الزيارة الأولى، يُطلَب من العميل العودة بعد بضعة أيام بحجة أن العثور على خريطة برجه من بين آلاف خرائط الأبراج التي يحتفظ بها المنجم سيستغرق وقتًا. وخلال فترة غياب العميل، يكتب المنجم خريطة البرج الخاصة بالعميل استنادًا إلى المعلومات التي قدَّمها على ورقة نخيل جديدة، وينقعها في معجون من لُب جوز الهند ولحاء شجر المانجو — وكلاهما غني بمادة التانين. هذه العملية تضفي على ورقة النخيل مظهرًا قديمًا (بريماناند وآخرون، ١٩٩٣، ٣٣١). خلال الزيارة الثانية، يندهش العميل على نحو متوقع من العثور على خريطة برجه بعد قرون عديدة جدًّا. 

الطوالع الإلكترونية

في عام ١٩٨٤، ظهرت في الهند أولى الشركات التي تقدِّم خرائط الأبراج الإلكترونية — بعد سبعة عشر عامًا من بدء عملها في أوروبا. في خلال ٢٠ دقيقة (اليوم تقلصت هذه الفترة إلى بضع ثوانٍ) كانت تُجري هذه الشركات الحسابات التي كانت تستغرق فيما سبق ثلاثة أشهر. وقد تبلغ تكلفة الحصول على خريطة البرج العادية ٢٥ روبية (حوالي ٥٠ سنتًا)، بينما تتكلَّف خرائط الأبراج التي تتنبأ لفترة أطول ٥٠ روبية (حوالي دولار أمريكي)، وتزداد هذه التكلفة في المدن الكبيرة والمراكز المكيَّفة الهواء. وقد تصل تكلفة التنبؤات إلى ٥٠٠ روبية بناءً على عدد السنوات التالية المقروء طالعها (راو، ٢٠٠٠، ١٤٧).٣ وثمة كثير من المواقع التي تقدم خرائط الأبراج مجانًا، انظر — على سبيل المثال —http://www.bestindiansites.com/astrology/

ومثلما هو الحال في الغرب، شكا المنجمون الهنود على الفور من أن الكمبيوتر يفتقر إلى الحدس والخبرة، ولم يلبِّ احتياجات عملائه إلى الحديث والإفصاح عن مشاعرهم. في الواقع، قبل عقدين مضيا، انتحر شاب متعلم بعدما تنبأت خريطة برجه الإلكترونية بفشله التام في كل شيء يقوم به (بريماناند وآخرون، ١٩٩٣، ٣٠٧). ومع ذلك — مثلما هو الحال في الغرب — يبدو أن خرائط الأبراج الإلكترونية باقية. 

في عام ١٩٨٩، كنت أصطحب زائرة في جولة تفقدية في أرجاء مركز علم الفلك الذي أمتلكه، والذي كنت قد أنشأته حديثًا آنذاك في مدينة بوني. في ذلك الحين، كنا قد انتهينا للتوِّ من إعداد جهاز الكمبيوتر الجديد لدينا، فَرُحت أشرح إمكانياته للزائرة، وفي النهاية، انتظرت أن توجه لي أية أسئلة قد تكون لديها. وكان ثمة سؤال لديها بالفعل، وهو: «هل يتنبأ هذا الكمبيوتر بخرائط الأبراج؟» 

الجائزة الكبرى

تكلل لوبي التنجيم الهندي بمجده المتوَّج حين قررت لجنة المنح الجامعية — في فبراير ٢٠٠١ — أن تقدم تمويلًا للمقررات الدراسية لشهادتي البكالوريوس والماجستير في التنجيم في الجامعات الهندية. وجاء في نص إعلانها: «ثمة حاجة مُلحَّة إلى إحياء علم التنجيم الفيدي في الهند … وإتاحة فرص لتصدير هذا العلم المهم للعالم.» إن عبارة «علم التنجيم الفيدي» هي في الحقيقة تناقض لفظي؛ إذ إن لفظة فيدي لا علاقة لها بالفيدا — وهي نصوص الهندوس القديمة المقدسة، التي لا تأتي على ذكر التنجيم. في الحقيقة يتفق الدارسون على أن التنجيم الكوكبي الشائع جاء إلى الهند مع الإغريق الذين زاروا الهند منذ حملة الإسكندر في القرن الثالث قبل الميلاد. 

خلال تسعة أشهر من صدور إعلان لجنة المنح الجامعية، تقدمت خمسة وأربعون جامعة من جامعات الهند المائتين للحصول على منح لجنة المنح الجامعية بقيمة ١٫٥ مليون روبية (حوالي ٣٠ ألف دولار) لإنشاء أقسام للتنجيم؛ قُبلت منها عشرون جامعة (سيدانتا، ٢٠٠١، ٢). بالنسبة لهؤلاء الهنود الذين يؤمنون بأن الاعتبارات التنجيمية تؤثر على مسار أعمالهم وحيواتهم العائلية — وهذه الفئة تتضمن قادة أحزاب سياسية كبرى — ربما يبدو قرار لجنة المنح الجامعية معقولًا وإن كان متأخرًا. 

إلا أن القرار أثار سخطًا في صفوف الأكاديميين الهنود، خاصةً أكاديميِّي كليات العلوم؛ إذ وجَّه أكثر من مائة عالم وثلاثمائة من العلماء الاجتماعيين خطابات احتجاج للحكومة. وفي الثلاثين خطابًا إلى المحرر التي ظهرت في الدورية الهندية العلمية «كارِنت ساينس» — معظمها من علماء في الكليات الجامعية والمعاهد البحثية — رفض حوالي نصف الخطابات التنجيم باعتباره علمًا زائفًا، في حين شعر ربعها بضرورة إجراء اختبارات قاطعة. على الناحية الأخرى، شعر الباقي أنه ما من مشكلة في تمويل شيء يؤمن به معظم الشعب الهندي. لكن الاحتجاجات لم تأتِ بنتيجة؛ لأن التنجيم الفيدي — في القانون الهندي — يعتبر فرعًا من فروع العلوم. 

ومع ذلك، في عام ٢٠٠٤، طلب العديد من العلماء من محكمة أندرا براديش العليا منع لجنة المنح الجامعية من تمويل المقررات الدراسية في التنجيم الفيدي؛ لأنه علم زائف من شأنه أن يفرض معتقدات هندوسية على نظام التعليم٤ ويقلِّلَ من التمويل المتاح للأبحاث العلمية الأصيلة. ومع ذلك، رفضت المحكمة دعوتهم؛ نظرًا لأن تدخل المحكمة في قرارات لجنة المنح الجامعية التي لم تخرق القانون الهندي ليس بالأمر الصحيح. 

في عام ٢٠١١، تم تقديم طلب استئناف بموجب القانون الذي يحظر الدعاية الزائفة إلى محكمة مومباي العليا. لكن المحكمة رفضت القضية مبرِّرةً ذلك بأن هذا القانون «لا يشمل التنجيم والعلوم المتعلقة به. فالتنجيم علم جدير بالثقة ويُمارس منذ أكثر من ٤٠٠٠ سنة …» (حسبما ورد في صحيفة «ذا تايمز أوف إنديا» عدد ٣ فبراير ٢٠١١). 

نبوءات فاشلة

لتسويغ إطلاق لفظ العلم على التنجيم، يجب أن يستوفي التنجيم اشتراطات النظرية العلمية؛ إذ لا بد وأن يقدم نبوءات صحيحة وقابلة للاختبار. هنا كان أداء التنجيم في تنبؤ نتائج الأحداث رديئًا للغاية. أقرب ما لدينا من أمثلة على ذلك متابعات لنبوءات تتعلق بأحداث عامة مثل الانتخابات، التي كان الإخفاق هو مصيرها الطبيعي. على سبيل المثال، كانت انتخابات عام ١٩٧١ تصفية حساب بين أنديرا غاندي ومعارضيها السياسيين. وقد اكتظت مجلة «ذي أسترولوجيكال ماجزين» بنبوءات لهواة ومحترفين، تنبأ معظمهم بخسارة أنديرا غاندي. لكنها في الواقع فازت بأغلبية ساحقة. 

جذبت انتخابات عام ١٩٨٠ موجة أخرى من جنون النبوءات، وكان معظمها يرى خسارة غاندي. على سبيل المثال، تنبَّأ بي في رامان (الذي تحدثت عنه من قبل) — في تخلٍّ نادرٍ عن غموضه المعتاد — أن جهود أنديرا غاندي لاستعادة المنصب «ربما تبوء بالفشل، وقدرتها على التأثير في الحكومة ستكون ذات فاعلية محدودة إلى حد مربك.» والنتيجة «قد تكون عدم رؤية حكومة مستقرة.» وتوقع منجم متخصص في التنجيم الساعي (وهو شخص يجيب عن أسئلة توجَّه إليه) أن السيدة غاندي «لن تستطيع أن تصبح رئيسة الوزراء أبدًا.» ومع ذلك، فقد فازت غاندي بأغلبية ضخمة، وأصبحت رئيسة الوزراء، وشكَّلت حكومة مستقرة. 

كذلك في عام ١٩٨٠، في مؤتمر دولي كبير نظَّمه اتحاد المنجمين الهنود، توقع كلٌّ من رئيس الاتحاد وأمينه العام حربًا مع باكستان في عام ١٩٨٢، ستنتصر فيها الهند، بالإضافة إلى اندلاع حرب عالمية فيما بين عامي ١٩٨٢ و١٩٨٤. لكن كافة النبوءات كانت خاطئة! كل هذه الأمثلة وكثير غيرها يقدمها لنا راو (٢٠٠٠، ١١٣–١٢٢)، الذي يذكر أنه ما من منجم توقع اغتيال أنديرا غاندي في عام ١٩٨٤، وأن القاعدة الذهبية يبدو أنها تقول: «تنبَّأْ فقط بتلك الأشياء التي تُرضي غرور من يستمع إليك».٥

 

يتبع …….
أرسلت في السبت 11 أكتوبر 2014